ملخص كتاب عبقرية محمد
احبائي عشاق القراءة والمشاركين في المشروع الوطني للقراءة ، كثيرة هي الكتب التي تطرقت لحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكن ليس بعبقرية كتاب اليوم ، كتاب عبقرية محمد لعباس محمود العقاد ارجوا ان اوفق في تقديم مراجعة وتلخيص سريع من خلال قراءتي لهذا الكتاب تابعون من فضلكم إلى آخر المقال.نقد كتاب عبقرية محمد لعباس محمود العقاد |
سلام من الله عليكم ورحمة وبركة ونفحات طيبة تهل عليكم بذكر خير الأنام، وسماع سيرته من زوايا مختلفة، لا يفوتني قبل أن أبدأ أن أشكر متابعينا على موقع الفوائد الذين بقوا أوفياء لها رغم غيابي، وأرحب بمن انضم لنا في تلك الفترة، وأذكرك كل مرة أن موقع الفوائد يقدم لكم ملخصات كتب فيها خبرة وعبرة وذكرى ومعلومات. نفيدكم بها في بضع دقائق، فانضم إلينا لأنك لن تضيع وقتك.
عن العقاد
عباس محمود العقاد، عملاق الأدب العربي، يمكن أن نخصص مقالة كاملة للحديث عن حياته ومؤلفاته، لكن سأكتفي اليوم بذكر أنه من مواليد 1898 بأسوان، وأنه لم يحصل من الدراسة سوى الشهادة الابتدائية بسبب ظروفه الاجتماعية، فكل ما بلغه بعد ذلك كان بمجهوده الشخصي.
قرأ في التاريخ والأدب والفلسفة وعلم الاجتماع، حتى أصبح موسوعيا وأديبا وشاعرا وصحفي ومفكر، وعضو ا في مجمع اللغة العربية، عرفت له عدة معارك مع اعلام الأدب العربي في ذلك الوقت، مثل طه حسين والرافعي وأيضا مواجهات مع القصر الملكي عندما كان عضوا في مجلس النواب.له بحر من المؤلفات من مقالات ودواوين وكتب من بينها العبقريات.
عن الكتاب
أخصكم اليوم بعبقرية محمد ، ذلك الكتاب ليس سيرة ذاتية، بمعنى السرد المجرد للوقائع، وليس شرحا للإسلام أو لأحكامه، إنما رد على اللغط، وتبرئة لمقامه الكريم، وتقدير للعبقرية بالقدر الذي يعترف به كل إنسان، مسلم أو غير مسلم. قد تنتفض لنبيك لأنك تحبه، لكن يجب أن تملك الحجة والبرهان للرد ،لهذا أتمنى عليكم أن تقرؤوا المقالة للنهاية.
المفارقة الجميلة لهذا الكتاب، أن قرار كتابته كان في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، على إثر نقاش مع العقاد، أبدى فيه أحد الغرباء سوء أدب في حديثه عن النبي، وشاءت الأقدار أن يكتب آخر سطر فيه في ذكرى مولده أيضا، دون تدبير من الكاتب، لكن بعد 30 سنة؟ نعم، 30 سنة.
يقول الكاتب أن الخيرة كانت في ذلك التأخير الذي أضاف له 30 سنة من الخبرة والأفكار، جعلته يصدر كتابا ما، كان ليكون بذات القيمة لو أصدره قبل ذلك.
علامات مولد
مولد النبي صاحبته عدة علامات وبشائر، ومع هذا لم يكن لها أثر في إقناع أحد بالرسالة يوم صدع بها، بل إذا نسبها المؤمن بالرسالة لمولده يمكن للمكابر أن ينسبها لغيره، لكن العالم التي لا التباس فيها هي علامة الكون، وعلامة التاريخ، فقد قالت حوادث الكون أن الدنيا كانت في حاجة ماسة إليه.
كان عالما متداعيا، قد شارف على النهاية، فاقد للنظام، وفاقد للعقيدة، بيزنطة خرجت من الدين تضاءلت سطوتها، وأصبحت هدفا للطامعين، وفارس المجوس تراكم حول عرشها الكمائن والفتن ونوازع الشهوات، أما الحبش فضائع بين الأوثان والهمجية تارة، وبين التوحيد تارة أخرى.
وبين هذه الدول المتداعية أمة العرب هي ليست بدولة، لكن بين أيديها تجارة العالمين، وهذا ما جعلها في خطر دائم، ممن يريدون ابتلاعها من المحيطين بها، وعصب هذه الأمة مدينة تجتمع فيها ثروة الجزيرة، ترف ومتعة وأطماع وخمر وقمار، وتسخير للضعفاء، حالة الاستقرار، وعالم يتهيأ للتبديل أو الهدم ثم البناء.
هذا ما قالته حوادث الكون، أما ما قالته حقائق التاريخ هو أن محمد هو صاحب الرسالة، قبيلة في تلك المدينة وتلك الأمة، لكنها ذات سماحة وتقوى، ووازع أخلاقي وسط الفوضى، وبيت له كرم النسب وليس له لؤم الثروة. واب من طينة الشهداء، اختير للفداء، فأمهله القدر إلى حين، ثم مات وهو غريب، دون أن يدري أن له نسل كريم.
ذلك محمد بن عبد الله من قبيلة وبيت وأبوان من أصلح ما يكونا لإنجاب ذلك الفتى في عالم أحوج ما يكون إليه. خبير بكل دروب العرب في البادية والحضر، تربى في الصحراء، وألف المدينة، ورعى القطعان، واشتغل بالتجارة، وشهد الحروب والأحلاف، على صلة بالدنيا التي أحاطت بقومه. كل هذه الخبرات جعلته خلاصة الكفاية العربية في خير ما تكون عليه. أفبعد كل هذه المقدمات؟ نبحث عن علامة أخرى؟
عبقرية الداعي
كان صلى الله عليه وسلم فصيح اللسان واللغة، فكان أعرب العرب، كانت له القدرة على تأليف القلوب وجمع الثقة، ويشهد له بذلك العدو قبل الصديق، وأخيرا كانت له قوة الإيمان بدعوته وغيرته البالغة على نجاحها، فكم من داع اجتمعت له فصاحة اللسان، وطلاقة المحية، ومع هذا فشلت دعوته لعدم إيمانه بها، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان مستكملا للصفات التي لا غنى عنها في إنجاح كل رسالة.
عبقريته العسكرية
إليكم أولا ست حقائق كرد على الذين ينعتون الإسلام بأنه دين قتال:
الحقيقة الأولى
أن مطعن القائلين أن الإسلام دين سيف كان يصدق لو اعتمده في بداية الدعوة ليظهر إلى الملأ، لكن الواقع أن الإسلام كان في بدايته هو المُعتدى عليه ولم يعتد على أحد، وحتى بعد ذلك فقد صبر المؤمنين على المشركين حتى أمروا أن يقاتلوهم دون أن يعتدوا، والخلاصة أن حروب الإسلام كلها كانت حروب دفاع، لم تكن حروب هجوم إلا على سبيل المبادرة لمن نكث عهده.
الحقيقة الثانية
كان يُعاب على الإسلام أن يحارب بالسيف فكرة يمكن أن تحارب بالبرهان والإقناع، لكن لا يُعاب عليه أن يحارب السلطة التي تقف في طريقه، وتحول بينه وبين أسماع الناس، وسادة قريش لم يكونوا أصحاب فكرة، ولا حتى ملوك ذلك الزمان، وإنما كانوا أصحاب سيادة يخشون ذهابها ،والتاريخ. أثبت أن السلطة لا تزال إلا بالسلطة، ويجب إخضاعها للقوى مثلما حدث في الثورة الفرنسية.
الحقيقة الثالثة
أن الإسلام لم يحتكم إلى السيف إلا في الحالات التي أجازتها جميع الشرائع، فالدولة التي يحمل أناس من أبنائها السلاح على أناس آخرين من أبنائها، لا تفض الخلاف إلا بالقوة كآخر حل، وهذا ما قضى به القرآن" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء لأمر الله."
الحقيقة الرابعة
لمن يقارن الإسلام بالديانات الأخرى، مع أن الفروق واضحة، فاليهودية أشبه بالعصبية المحصورة في بني إسرائيل، ولا هدف لهم أصلا لتعميم الدين أو الدعوة وإدخال الأمم فيها، أما المسيحية فلم تكن تعني أصلا بالمعاملات ونظام الحكومات، وإنما اقتصرت على الآداب والأخلاق.
الحقيقة الخامسة
أن الله قد شرع الجهاد فعلا، وقد فتح المسلمون الكثير من البلدان، لكن هذه. الفتوح تمت بعد استقرار الدولة، فلم تكن إذن وسيلة لظهور الإسلام، بقدر ما كانت تفرضه سلامة الدولة، لأنه حتى وإن لم يكن الخليفة مسلم صاحب دين ينشره، لوجب عليه أن يخشى على بلاده الفوضى الشائعة في الفرس والروم ويكف عنه الشر الذي كان يوشك أن ينقض عليه.
الحقيقة السادسة
أن حال الشعوب قبل وبعد إسلامها، جعل من لم يقتنع به في البداية، اقتنع به في النهاية، لأن الإسلام دين مقنع لمن يختار ويحسن الاختيار. هذا بعد أن استقر الإسلام بين تلك الشعوب، وانتظمت العلاقات، واطمأن الناس على أرواحهم وأرزاقهم التي كانت مباحة للغاصبين.
الخلاصة إذن أن النبي لم يكن رجل مقاتلا يطلب الحرب، ولكن إذا ما اقتدت الضرورة، كان نعم القائد البصير وإليكم البعض من حنكته العسكرية:
كان يستخدم أسلوب المبادرة، فإذا علم بعزم أعدائه على قتاله، لم يمهلهم حتى يباغتوه كما حصل في غزوة تبوك، كان يهتم بالقوة المعنوية الدائمة لشحن لرجاله.
كان لا يغفل عن على القوة المالية، لهذا كان يحارب قريش في تجارتها ويرسل السرايا القوافل وهي سنة المصادرة التي أقرها القانون الدولي.
اهتمامه كان ينصب على جيش العدو، فلا يقتحم مدينة ويشغل باله بمحاصرتها إلا إذا استدعت الضرورة.
كان غير منفرد برأيه يستشير أصحابه في خطط القتال.
دائم الاستطلاع، ودائم الحذر من التشهير.
في السياسة تولى الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم كثير من الأعمال ممن يطلق عليه لفظ السياسة، لكن أهمها وأشملها صلح الحديبية. لماذا؟ لأن فيه يبرز تدبير محمد في سياسته مع خصومه وسياسته مع أتباعه في نفس الوقت.
عبقريته في الإدارة
أما عبقريته في الإدارة، فكان شعارها كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وسأذكر لكم مثالا واحدا فقط على إدارته للأزمات رغم تعددها، وهي فرضه للحجر الصحي تجنبا لانتشار الوباء قبل كشف الجراثيم بعشرات القرون.
عبقريته في العلاقات الإنسانية
أما عبقرتيه في العلاقات الإنسانية فسأقتصر فيها في الحديث على أمرين محمد الصديق ومحمد الزوج، أما عن صداقاته فلم يعرف عن إنسان قط أنه ظفر بنخبة من الصداقات على اختلاف البيئات والمزاجات والأجناس، كالتي ظفر بها محمد، محبة جعلت بلال يهلل على فراش موته "غدا ألقى الأحبة محمد وصحبه".
فعدى عن أن النبي كان ودودا وعطوفا ومحبا لأصدقائه، لكنه كان أيضا ذو ذوق سليم راقي. كان إذا لقيه أحد الصحابة لم ينصرف حتى ينصرف الرجل، وإذا تناول أحد يده لا ينزعها حتى ينزع الرجل يده، كان ذم مطلع بهي ونظافة، وحريص على أن يراه الناس في أجمل طلة.
ثم محمد الزوج، بصراحة كان هذا أكثر جزء أنهكني تلخيصه، لأن كل ما جاء فيه على قدر من الأهمية تحدث فيه العقاد عن مكانة المرأة في الإسلام وحادثة الأفك، وعن سماحة النبي في التعامل مع زوجاته، لكني آثرت التركيز على نقطة واحدة هي مطعم المشاهرين بالإسلام. لماذا جمع النبي تسعة زوجات؟
شرح العقاد أسباب زواجه من زوجاته واحدة واحدة وأن ذلك اقتضته الضرورة والمروءة بل أن ذلك كان الخيار الأفضل لهم، لكنني لم أركز على هذه الأسباب، بل على ما هو بديهي ومثبت وتؤكده كل الدلائل، أن محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن أصلا رجل شهوات وملذات.
أولا الرسول لم يكن مجهولا في قومه قبل الدعوة، بل معروفا من شبابه، حتى كهولته طاهرا عفيفا، لم يستبح لنفسه أبدا، ما كان شباب الجاهلية يستبيحونه وليس لفقر به بل غالبا ا ما كان الفقر سبب من أسباب الانحراف، بل ترفعا وتنزها وتطهرا. بقي حتى 25 سنة دون زواج.
ولم تزوج، تزوج سيدة في الأربعين واكتفى بها حتى توفيت وهو يجاوز الخمسون سنة، فهل هذا رجل ملذات؟ فحبه لخديجة ووفائه لها المنقطع النظير حتى بعد وفاتها، إذ تقول له سيدة عائشة، وهي في صباها، وأحب أزواجه إليه هل كانت إلا عجوزا بدلك الله خيرا منها؟ فقال لها مغاضبا لا والله ما بدلني الله خيرا منها.
فهل هذا وفاء ملذات في جميع زيجاته صلى الله عليه وسلم؟ لم يتزوج بكرا إلا السيدة عائشة، وحتى زواجه منها لم يكن مقصودا في الأمر، وإنما عرضتها عليه خولة بنت الحكيم، مع أنه كان يمكن أن يطلب ابكارا وحسانا لكنه اختار لاعتبارات أخرى، اختار أحسابا وأرحاما في حالة في حاجة للتآلف والرعاية.
وأخيرا، كان يمكن للنبي أن يعيش عيشة الملوك والسلاطين، لكنه اقتنع بمعيشة الفقراء حتى اشتكت نساؤه قلة النفقة، ولو شاء لأغدق عليهن النعم وأغرقهن بالحرير، فهل هذا رجل ملذات وشهوات؟ ومع هذا فإن ميل الرجل للمرأة أمر فطري لا معابة فيه، لكن المعاب أن يطغى هذا الحب فيشغله عن غرضه وأعماله.
فهل هناك في التاريخ من صنع حضارة مثل محمد؟ وهل هذا عمل رجل مشغول بملذاته؟ بل إنها العظمة التي أتاحت له أن يعطي الدعوة حقها، والمرأة حقها.
اقتباسات من الكتاب
إن عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم لا تزال تلهم الناس في كل مكان، وهي مصدر إلهام دائم للبشرية
عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم كانت عبقرية شاملة، فقد جمعت بين العبقرية البلاغية والعسكرية والإدارية والفكرية والروحية
كان محمد صلى الله عليه وسلم أعظم عبقرية عرفها التاريخ، فقد استطاع أن يوحد العرب ويؤسس دولة إسلامية قوية، وأن يطرح أفكارًا جديدة وثورية في مجال الدين والسياسة والأخلاق، وأن يؤثر في نفوس الناس ويلهمهم بالإيمان والحب
الفائدة
يمكن القول أن كتاب “عبقرية محمد” من الكتب الهامة التي تستحق القراءة، فهو يقدم صورة شاملة عن حياة النبي محمد، ويركز على جوانب عبقرتيه التي كانت عاملًا أساسيًا في نجاح دعوته وتأسيسه للدولة الإسلامية. في الأخير، أتمنى أن تكونوا قد استفدتم، لأن الكتاب بصراحة، من أكثر الكتب التي أجهدتني أدب العقاد، ليس مروحة للكسل النائمين، كما يقول، وكتاب عن المصطفى يجب أن يلخص بإخلاص وعناية، عسى أن يكون ذخرا لي ولكم يوم التلاقي موعدي معكم قريبا إن شاء الله دمتم سالمين.